علمتني الحياة في ظل العقيدة
الشيخ د. علي عبدالخالق القرني ..
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن توحيد الله هو محور
الرسالات السماوية ، ومحور حياة الإنسان الحقة ، فقيمة الإنسان
تظهر عندما يجعل ربه محور حياته .
فصلاته لله ، ونسكه لله ، وحياته لله ، وموته لله ، وشعاره :
(( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ))
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن توحيد الله هو نقطة البداية
في حياة المسلم والأمة ..
وأن التوحيد هو كذلك نقطة النهاية في حياة المسلم والأمة من ضل عنه
خسر الدنيا والآخرة ، قلبه لا يفقه ، وعينه لا تبصروأذنه لا تسمع
حياته ضنك وسعيه مردود ، وذنبه غير مغفور .
وفي المقابل من ضفر بتوحيد الله جل وعلا فقد ربح الدنيا والآخرة
وسعد الدنيا والآخرة ، فسعيه مشكور وذنبه مغفور وتجارته لن تبور .
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن بلسم الجراحات هو الإيمان بالقضاء
والقدر ، قد علم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وعلم أن ما أخطئه
لم يكن ليصيبه.
علم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوه بشيء لم ينفعوه إلا بشيء
قد كتبه الله له ، ولو اجتمعت على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء
قد كتبه الله عز وجل عليه.
فرضي فرضيَ الله عنه ، وسعد بدنياه وأخراه ، واطمأن قلبه وسكنت روحه
فهو في نعيم وأي نعيم.
علمتني الحياة في ظل العقيدة أنه كما تدين تدان ، وكما تزرع تحصد
إن زرعت خيرا حصدت خيرا ، وإن زرعت شرا حصدت مثلَه
وإن لم تزرع وأبصرت حاصدا ندمت على التفريط في زمن البذر .
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن العقيدة قوة عظمى ، لا يعدلها قوة
مادية بشرية أرضية أي كانت .
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن من حفظ الله حفظه الله ومن وقف
عند أوامر الله بالامتثال ، ونواهيهِ بالاجتناب ، وحدوده بعدم التجاوز
حفظَه الله.
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن الظلم مرتعه وخيم وأن الظلم يفضي
إلى الندم ، وأنه ظلمات يوم القيامة.
وأن الله لا يغفلُ عما يعمل الظالمون ، لكن يؤخرهم ليوم تشخص فيه الإبصار.
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن البناء جد صعب ، والهدم سهل جد سهل
فما يبنى في مئات الأعوام من المدن والقرى والقصور والدور يمكن
هدمه في لحظات ، وما يبنى من الأخلاق والقيم والمثل في قرون
يمكن هدمه أيام وليالي.
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن لا أيئس وأن لا أقنط ، وأن أعمل
وأدعو إلى الله ولا أستعجل النتائج وأن أبذر الحب قطفت جنيه
أم لم أقطف جنيه ، فلا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون.
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن أنظر في أمور دنياي
إلى من هو تحتي فذلك جدير أن لا أزدري نعمة الله علي.
وأن أنظر في أمور آخرتي لمن هو فوقي فأجتهد اجتهاده لعلي ألحق
به وبالصالحين فلا أحقد على أحد ما استطعت ، ولا أحسد أحدا
ما استطعت.
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن من عرف الحق هانت عنده الحياة
فيتعالى على مُتع الحياة وزخارفها لأنه ينتظر متعة أبدية سرمدية
في جنات ونهر في مقعد صدق عن مليك مقتدر.
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن لا أحقر شيء مهما قل ، بل أتعلم
وأعمل وأدأب وأداوم ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، وأحب العمل إلى الله
أدومه وإن قل ، والقليل إلى القليل كثير وإنما السيل اجتماع النقط .